خاص - تقرير حقوقي بعنوان :"كارثية أوضاع حقوق الإنسان في تركيا ،وحكومة تمارس انتهاكات ممنهجة للقانون الدولي وقرصنة وإرهاب عابر للحدود" .
إعداد ورصد وتوثيق / رابطة المعونة لحقوق الإنسان والهجرة ( AMHRI) نيويورك-اليمن ،منظمة غير حكومية حاصلة على الصفة الاستشارية لدى المجلس الاقتصادي والاجتماعي بالأمم المتحدة ."
السادة /المفوضية السامية لحقوق الإنسان في جنيف
السادة /فريق الإستعراض الدوري الشامل في مجلس حقوق الإنسان بالامم المتحدة في جنيف المحترمين
مرفق لسيادتكم اعلاه نص تقرير متكامل من إعداد الرابطة للمشاركة به في آلية الاستعراض الدوري الشامل في جلسة يوم ٢٨ يناير ٢٠٢٠ م الخاص بدولة تركيا ،نرجو من سيادتكم أن يحاط الجانب الحكومي التركي بنسخة من هذا التقرير وكشف أنماط الانتهاكات البشعة لحقوق الانسان والقانون الدولي التي تمارسها الحكومة التركية ومواجهتها به في جلسة الاستعراض المخصصة لتركيا ووفقا لآلية الاستعراض الدوري الشامل ،وافادتنا بما يتم .
وتقبلوا خالص تحياتنا
)) نص التقرير ((
& أوضاع بائسة لحقوق الإنسان داخل تركيا وأنماط بشعة من الانتهاكات .
عانت تركيا على مدار تاريخها من الصراعات والتكالب على السلطة بين قوى مختلفة يحاول كل منها أن يظفر بالسلطة. وقد عمدت هذه القوى، في حربها تلك، إلى تغييب دور القانون والبطش بالطرف الآخر.
لقد رأينا مثلا كيف كان قائد انقلاب 12 سبتمبر عام 1980، كنعان إفرين، ينفذ المحاكمات العسكرية في المعارضين له، ويُخضعهم لشتى أنواع التعذيب؛ لدرجة أن أعدادًا كبيرة منهم كانت تفارق الحياة، تحت التعذيب داخل المعتقلات. وعلى الرغم من ذلك، كان يخرج ليتحدث عن تطبيق القانون، واستقلالية القضاء. هذا الأمر نراه يتكرر أمام أعيننا في الوقت الراهن كذلك؛ حيث نسمع ونشاهد رجال السلطة كل يوم، وهم يتشدقون بعبارات من قبيل أن تركيا دولة الحريات، وأن القانون يطبق على الجميع، وأن القضاء حر ومحايد، وغيرها من الشعارات الجوفاء. ظهر هذا جليًا في حديث لنائبة رئيس حزب العدالة والتنمية لشؤون حقوق الإنسان، ليلى شاهين أوسطا، أدلت به خلال زيارتها لمدينة أفيون قره حصار، عندما قالت: "عندما تُذكر انتهاكات حقوق الإنسان في تركيا، فإنني لا أتذكر واقعة واحدة أو اثنتين تأكَّد حدوثها بالفعل؛ لذلك يمكن اعتبار أن الحديث عن هذا الأمر لا يعدو كونه مجرد مجال يحاول البعض استغلاله ضدنا؛ بنشر العديد من المفاهيم والتصورات الخاطئة. والحقيقة أن تركيا أصبحت تتبوأ في الفترة الراهنة مكانة متقدمة في مجال حقوق الإنسان، تخطت بها أميركا والكثير من الدول الأوروبية، التي دأبت على وصف نفسها بأنها الدول الأكثر تقدمًا في مجال الحريات، وحماية حقوق المواطنين لديها. لذلك فإنني أشبه من يتحدث عن وجود انتهاكات لحقوق الإنسان في تركيا بمن ينفخ في الرماد؛ لأن القانون يُطبق في تركيا على الجميع دون استثناء. تركيا هي دولة القانون، وكل من يرتكب فعل من شأنه الإضرار بالدولة، أو يتعاون مع الإرهابيين ينال جزاءه وفق القانون..". لا يغيب على أحد ما تعانيه تركيا اليوم من انهيار على مستوى حماية حقوق المواطنين وحريتهم. لقد نُشر في التاسع من ديسمبر 2018 الماضي تقرير بعنوان "مسلسل انتهاكات حقوق الإنسان تحت حكم حزب العدالة والتنمية". استمد هذا التقرير، الذي يغطي الفترة من عام 2002 حتى 2018، بياناته من مؤسسة حقوق الإنسان في تركيا، والعديد من المنظمات الأخرى المعنية بهذا الأمر. عدد المشتبه بهم، الذين تعرضوا لانتهاكات أثناء مرحلة التحقيقات خلال الفترة بين 2006-2017 ما يقارب 11 مليون985 و118 مواطناً ذكر التقرير أن ما يربو عن 47 ألفًا و910 أشخاص تعرضوا لأنواع مختلفة من انتهاكات حقوق الإنسان خلال الفترة من 2002 حتى 2018؛ حيث تعرَّض 22 ألفًا و224 شخصًا منهم لجرائم تتعلق بطبيعة عملهم، و14 ألفًا 960 شخصًا لجرائم خاصة بالسيدات، أما العدد المتبقي (4003)، فكان من نصيب الأطفال الذين لم يسلموا كذلك من جرائم انتهاكات حقوق الإنسان في تركيا. يشير التقرير أن ما يقرب من 21 ألفًا 325 شخصًا تعرَّضوا للتعذيب والمعاملة السيئة خلال الفترة بين 2002-2018 ، في الوقت الذي لم تتجاوز فيه أعداد الذين تعرضوا للتعذيب في عام 2002، عندما تولى حزب العدالة والتنمية السلطة، 988 شخصًا، وأنه على الرغم من أن هذه الأعداد قد انخفضت في السنوات التالية لذلك، إلا أنها عاودت الارتفاع، مرة أخرى، بشكل كبير، اعتبارًا من عام 2014؛ فارتفعت هذه الأعداد في هذا العام إلى ألف و39 شخصًا؛ لتصل إلى خمسة آلاف 671 شخصًا في عام 2015، ثم خمسة آلاف 606 في عام 2016، ثم ألفين 278 في عام 2018. ويبلغ عدد الذين تعرضوا لانتهاكات حقوق الإنسان وللمعاملة السيئة منذ عام 2018 حتى الآن ما يربو عن ألفين 214 شخصًا. وعلى الجهة الأخرى، كان القضاء أحد المجالات التي ارتكب من خلالها مستويات غير مسبوقة في تاريخ الجمهورية التركية من جرائم حقوق الإنسان؛ حيث أكدت البيانات الصادرة في هذا الصدد في نهاية عام 2017، بلوغ عدد المشتبه بهم، الذين تعرضوا لانتهاكات أثناء مرحلة التحقيقات خلال الفترة بين 2006-2017 ما يقارب 11 مليون985 و118 مواطناً، في حين لم تتعد أعدادهم 2 مليون 943 ألفًا و33 فردا فقط عام 2006. وهذا يعني أن عدد الذين يخضعون للتحقيقات من قبل النيابة العامة في تركيا قد تضاعف بنسبة 307%. وهذا يعني كذلك أن السلطات التركية تقوم، وفق إحصاءات العام الماضي، باتخاذ إجراءات عقابية من هذا النوع ضد 230 ألفًا 483 مواطنا في الأسبوع؛ أي بما يعادل 23 مواطنا في الدقيقة الواحدة. تقوم السلطات التركية باتخاذ إجراءات عقابية ضد 230 ألفًا 483 مواطنا في الأسبوع؛ أي بما يعادل 23 مواطنا في الدقيقة الواحدة. وعلى الرغم من إجراء الحكومة بعض التعديلات على المادة 301 من الدستور التركي، بزعم زيادة مساحة حرية الرأي في تركيا، إلا أن نسبة الذين وجهت إليهم اتهامات في مجال حقوق الإنسان قد سجلت ارتفاعا بنسبة 43%؛ ففي حين لم تتعد فيه أعداد الذين وجهت لهم الاتهامات وفق المادة 301، التي كانت تتحين الدولة الفرصة لإقحامها من أجل قمع حرية الفكر المعارض، 526 في عام 2006، وجدنا أن هذا العدد قد ارتفع، بعد التعديلات المزعومة، إلى 754 عام 2017 مما يعني أن إجمالي أعداد الذين تعرضوا لانتهاكات حرية الرأي في الفترة بين 2006-2017 بسبب المادة رقم 301 بلغ أربعة آلاف و21 مواطنًا. وفي حين لم يتعد عدد الذين وُجِّهت إليهم تهمة "الإساءة لرئيس الجمهورية" 109 أشخاص في الفترة بين 2003-2006، نجد أن هذا الرقم قد ارتفع في الفترة بين 2007-2014 إلى 895 حالة، ليبلغ الذروة خلال عامي 2015 و2017 بتسجيل 12 ألفًا 168 حالة. يشير التقرير كذلك إلى أن أعداد الذين قضوا نحبهم نتيجة تعرضهم لجرائم لها علاقة بطبيعة عملهم قد ارتفع خلال الفترة من عام 2002 حتى 2017 بما يزيد عن 13 ضعفًا؛ ففي حين لم يشهد عام 2002، الذي جاء فيه حزب العدالة والتنمية على رأس السلطة، سوى 146 حالة وفاة، نتيجة جريمة مرتبطة بطبيعة عملهم، وجدنا أن هذا الرقم قد واصل الارتفاع بشكل كبير خلال الأعوام التالية؛ حيث بلغ في عام 2003 ما يربو عن 811 شخصًا، ثم ألف و44 في عام 2007، ثم ألف 454 في عام 2010؛ لتصل أعدادهم إلى ألفين وستة أشخاص في عام 2017.
وعلى الجانب الآخر، أعلنت لجنة حماية الصحفيين الدولية (CPJ) في تقريرها السنوي أن ما يربو عن 262 صحفيًا تعرضوا للسجن حول العالم، اعتبارًا من عام 2017، ووضعت تركيا على رأس أكبر ثلاث دول سجنًا للصحفيين؛ حيث يقبع في السجون التركية وحدها ما لا يقل عن 141 صحفيًا ومشتغلًا بالإعلام. وتضم السجون التركية، إلى جانب هذا، ما لا يقل عن 44 ألف شخص، وجهت إليهم تهم لها علاقة بالإرهاب. وتشير الإحصاءات إلى أن إجمالي المعتقلين، والذين صدرت بحقهم أحكام، لا يقل عن 260 ألف شخص. وفي حين اكتظت السجون بأعداد المعتقلين والمسجونين، لم تتوقف السلطات التركية عن ممارسة أبشع انتهاكات حقوق الإنسان بحق هؤلاء. وفي السياق نفسه، صنَّفت منظمة "فريدم هاوس" الأميركية (منظمة غير حكومية مقرها الولايات المتحدة تدعم وتجري أبحاثًا حول الديمقراطية والحرية السياسية وحقوق الإنسان) تركيا، في تقريرها عام 2018، ضمن "الدول المُقيدة للحريات"، واستندت هذه المنظمة، في تصنيفها لتركيا ضمن الدول المقيدة للحريات، على ما تمارسه السلطات من قمع للحقوق السياسية وفرض قيود على حرية الأفراد في التعبير عن آرائهم. وبالتالي لم يكن مُستغربًا أن يشير التقرير إلى فقدان تركيا 34 مركزًا في هذه القائمة خلال السنوات العشر الأخيرة؛ لتتذيل قائمة الدول الأكثر حرية في الوقت الراهن. أضف إلى هذا ما تفرضه الدولة من رقابة شديدة على الإنترنت، وإغلاق المواقع، وتقييد حرية الرأي على مواقع الإنترنت، وإغلاق مواقع دولية وإقليمية؛ حيث قامت السلطات في 29 أبريل 2017 بحجب موقع ويكيبيديا، أكبر موسوعة على الإنترنت في العالم تتحدث بمئات اللغات، ولا يزال هذا الحظر مستمرًا حتى الآن. واستمرارا لمسلسل انتهاكات حقوق الإنسان، استغلت السلطات التركية حالة الطوارئ، وما واكبها من استصدار مراسيم قرارات لاعتقال أعداد كبيرة من الأكاديميين ونواب البرلمان والفنانين والصحفيين والكُتَّاب المعارضين لها، وتقديمهم للمحاكمة بتهمة الترويج للإرهاب، أو الانضمام إلى منظمة إرهابية؛ لتقضي بذلك على حرية الرأي، وتبتعد بالدولة كلها عن معايير الديمقراطية السليمة؛ ليحدث بذلك نوع من التداخل بين أزمة الديمقراطية وأزمة القضاء؛ فالقاضي والمدعي العام في تركيا يعجزان عن توفير ضمانة قانونية تكفل الحقوق والحريات؛ ومن ثم فهما يساهمان، بخضوعهما لأهواء السلطة الحاكمة اليوم، في تقييد الحريات.
اردوغان يسجن عشرات الصحفيين ويفصل الآلاف منهم في ابشع صور انتهاكات ممنهجة لحرية الرأي والتعبير.
احتفلت تركيا بيوم الصحفيين يوم ١٠ يناير ٢٠٢٠ م الماضي وسط موجة قمع سياسي واسعة النطاق على وسائل الإعلام التركية ، وزيادة كبيرة في معدلات البطالة في هذا القطاع. فبينما يقبع 108 صحفيين في السجون، ويجري التحقيق مع 172 صحفياً بسبب عملهم الصحفي، خسر أكثر من 13 ألف صحفي وإعلامي تركي وظائفهم لأسباب سياسية واقتصادية .
أُعلن العاشر من يناير يوماً للصحفيين العاملين، عندما منحت الإدارة العسكرية الصحفيين مجموعة من الحريّات والحقوق في أعقاب التدخل العسكري في السابع والعشرين من مايو 1961.
ووفقاً لمؤشر حرية الصحافة العالمية، الذي تعده مراسلون بلا حدود، فإن تركيا احتلّت المرتبة 157 عالمياً بين 180 بلداً. ويشير المرصد الدولي لحقوق الإنسان إلى أن تركيا ما زالت أسواء بلداً في العالم من حيث سجن الصحفيين.
وزاد حزب العدالة والتنمية الإسلامي الحاكم في تركيا حملته القمعية الممهنجة على وسائل الإعلام بشكل خاص في أعقاب "محاولة الانقلاب الفاشلة التي وقعت في يوليو 2016 ". وتعرض عشرات الصحفيين للسجن أو لمضايقات استُغل القانون فيها، بينما أُغلق أكثر من مئتي مؤسسة إعلامية. أما وسائل الإعلام المهمة التي نجحت في الاستمرار، فقد اضطرت إلى ممارسة الرقابة الذاتية.
وخضع 250 صحفياً لمحاكمات في عام 2019، وصدرت أحكام بالسجن بحق صحفيين بلغ إجمالي عدد سنواتها 133 عاماً، وغرامات بلغ مجموعها 140 ألف ليرة تركية (23 ألفاً و816 دولاراً). وقالت غولفام كاراتاش من اتحاد الصحفيين الأتراك لموقع أحوال تركية إن عشرات الصحفيين تعرّضوا لهجمات.
وفي ظل حملة القمع السياسي الواسعة النطاق، يواجه الصحفيون في تركيا أيضاً أزمة بطالة ضخمة ، ويتعرض الكثيرون منهم للفصل من العمل.
وتُظهر البيانات الرسمية الصادرة عن معهد الإحصاء التركي أن واحداً من كل أربعة صحفيين متخرجين، عاطل عن العمل. ويتخرج آلاف الشباب من أقسام الإعلام والاتصال كل عام.
وقالت كاراتاش لموقع أحوال تركية إنه "وفقاً للتقرير الذي أعددناه بعد محاولة انقلاب 2016 الفاشلة بعام، كان معدل البطالة بين الصحفيين 30 في المئة، بينما الآن هو أعلى من هذا بكثير. وفي عام 2019 وحده، فُصل 186 صحفياً من عملهم في عدة مؤسسات إعلامية. ويرى الكثير من الصحفيين أنهم لم يعودوا قادرين على ممارسة عملهم في البلاد، ويخططون للسفر إلى الخارج".
أور كوزتكتشي صحفي رياضة، وواحد من بين شباب الصحفيين العاطلين هؤلاء. بدأ كوزتكتشي حياته في عالم الصحافة في سن مبكرة، وبذل الكثير من الجهد في الداخل والخارج لتطوير نفسه. غير أنه ما زال عاطلاً عن العمل، على الرغم من أنه تقدّم مرّات كثيرة للحصول على فرصة عمل.
وقال كوزتكتشي في تصريح صحفي : "بغض النظر عمّا إذا كنت تملك مهارات، فإذا لم تكن لديك علاقات بأشخاص لهم نفوذ، فإن من شبه المستحيل أن تجد فرصة عمل في القطاع الإعلامي في تركيا".
وفي ظل هذه الضغوط السياسية والاقتصادية الكبيرة، فإن ممارسة مهنة الصحافة تزداد صعوبة في تركيا، وهو ما يدفع أصحاب المهنة إلى ترك مجال عملهم ومحاولة البحث عن فرصة في أي قطاع آخر.
عملت آسيا إنيدا لمدة عامين ونصف العام في وكالة أنباء دجلة الموالية للأكراد، والتي أُغلقت بعد محاولة الانقلاب الفاشلة التي وقعت في عام 2016. وعلى الرغم من أنها كانت تعمل لصالح إحدى وكالات الأنباء الأخرى، فقد تركت وظيفتها بسبب القمع السياسي الذي مارسته الحكومة بحق وسائل الإعلام الكردية. والآن، تمارس آسيا مهنة الزراعة في مدينة أضنه جنوبي البلاد.
وقالت إنيدا لموقع أحوال تركية "بدأت العمل الصحفي لأوصل الحقيقة لأهلي وشعبي. كنّا دائماً نتعرض للقمع والتهديد المستمر بسبب عملنا الصحفي. لقد احتُجزت عدة مرات، وأُغلقت وكالتنا، لكننا لم نستسلم". لكنها أشارت إلى أنها وزملائها عجزوا عن الاستمرار في المقاومة.
وبعد مرور 59 عاماً على تنظيم إدارة الانقلاب أول يوم للصحفيين العاملين في عام 1961، فإن ظروف عمل الصحفيين في تركيا تزداد سوءاً، وحقوقهم تتراجع. وقالت كاراتاش إنه لكي نتمكن من تجاوز هذا الوضع الصعب، ينبغي علينا كصحفيين أن نتّحد ونعزز تنظيمنا النقابي في جميع أنحاء تركيا.
-أردوغان ينقل الدواعش والإرهابيين من سوريا إلى ليبيا ليُحذّر ويبتز العالم بهذه الطريقة .
في ظلّ تقارير إعلامية وسياسية دولية متواترة أكدت تورط أنقرة بشكل مباشر في انتقال الدواعش ونظرائهم من الإرهابيين والمُتطرفين في سوريا نحو ليبيا، حذّر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في مقال نشر في مجلة "بوليتيكو" السبت ١٨ يناير ٢٠٢٠ م من أن المنظمات "الإرهابية" ستجد موطئ قدم لها في أوروبا إذا سقطت حكومة الوفاق الوطني الليبية المعترف بها من الأمم المتحدة.
وكتب أردوغان أن "أوروبا ستواجه مجموعة جديدة من المشاكل والتهديدات إذا سقطت الحكومة الليبية الشرعية. ستجد منظمات إرهابية على غرار تنظيم الدولة الإسلامية والقاعدة، اللذان تعرّضا لهزائم عسكرية في سوريا والعراق، أرضًا خصبة للوقوف مجدداً على قدميهما".
وشدّد أردوغان على أن الطريق المؤدي للسلام في ليبيا يمر عبر بلاده.
وأكد: "سنقوم بتدريب قوات الأمن الليبية والمساهمة في قتالها ضد الإرهاب والاتجار بالبشر".
بالمقابل، يرى مراقبون سياسيون أنّ الرئيس التركي يعمل على تعزيز وجود بلاده ونفوذها العسكري في ليبيا من خلال استقدام ميليشيات ومرتزقة تحوم حولهم شبهات التطرف والانتماء لتنظيمات جهادية، للقتل في صفوف حكومة الوفاق المساندة لتيار الإسلام السياسي والذي يعد أردوغان أحد عرابيه.
وتحدثت العديد من التقارير المؤكدة عن وصول مرتزقة سوريين للقتال إلى جانب ميليشيات حكومة الوفاق.
وحذرت تقارير إعلامية من استغلال تنظيم داعش لتوقف معركة طرابلس على خلفية اتفاق وقف إطلاق النار بين أطراف الصراع، لاستعادة نشاطه في ليبيا، في الوقت الذي سجلت فيه أوساط عسكرية أميركية ارتفاعا في عدد عناصر التنظيم بالتزامن مع إرسال تركيا مرتزقتها إلى البلد.
وهذا ما تحدثت عنه اليوم ( ١٩ يناير) في تقرير لها صحيفة "العرب" اللندنية واسعة الانتشار، تحت عنوان "الوجود التركي في ليبيا يفتح الطريق لعودة داعش".
وقال بول سيلفا، نائب رئيس هيئة الأركان المشتركة الأميركية إن إدارة الرئيس دونالد ترامب بدأت ملاحظة طفرة “صغيرة” في أعداد عناصر تنظيم الدولة الإسلامية في ليبيا منذ بدأ المشير خليفة حفتر المعركة في العاصمة طرابلس قبل أكثر من شهرين.
ونقل موقع المونيتور عن سيلفا قوله إن المعركة المتوقفة حاليا من أجل استعادة طرابلس تعطي مساحة للتنفس للإسلاميين وعودة تنظيم الدولة الإسلامية إلى البلاد.
وكان التنظيم المتطرف يتخذ من مدينة سرت معقلا رئيسيا قبل أن تطرده قوات الجيش الليبي.
وتزامنت التصريحات الأميركية مع تأكيد المبعوث الأممي إلى ليبيا غسان سلامة وجود مقاتلين سوريين في ليبيا للقتال إلى جانب الميليشيات.
ورجح سلامة في مقابلة مع إذاعة مونتي كارلو وجود خبراء عسكريين أتراك في ليبيا، لكنه أوضح أن البعثة الأممية لا تمتلك أي مؤشر على نشر تركيا قوات لها في ليبيا.
ويخوض الجيش الوطني الليبي منذ أبريل الماضي حربا ضد الإرهاب والميلشيات.
وأمام ما حققه الجيش من مكاسب تحاول تركيا عرقلة هذا التقدم بدعم حكومة السراج عسكريا وتغذية الإرهاب، للحد من نجاحات الجيش من جهة، والتمكن من تطبيق أجندتها التوسعية بليبيا من جهة ثانية.
بدوره، حذر العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني من أن التدخل العسكري التركي في ليبيا “يجعل الوضع أكثر تعقيدا”، مشيرا إلى أن هذا التدخل سيخلق المزيد من الارتباك.
وقال الملك عبدالله الثاني في مقابلة صحافية إن عدة آلاف من المقاتلين الأجانب قد غادروا إدلب وانتهى بهم المطاف في ليبيا، وهذا أمر على الجميع في المنطقة العربية وفي أوروبا مواجهته، ويتوقع أن يكون هذا الأمر من أكبر التحديات والتهديدات التي سيعيش على وقعها العالم في عام 2020.
وكانت صحيفة الغارديان نشرت الأربعاء تقريرا أشارت فيه إلى أن “1350 فردا من المقاتلين السوريين شقوا المعبر في اتجاه تركيا في الخامس من يناير. وانتقل بعضهم إلى ليبيا بينما بقي آخرون في جنوب تركيا لتلقي تدريبات في معسكرات خاصة. كما يفكر بعض المنتمين إلى فيلق الشام الإسلامي في السفر إلى ليبيا”.
وذكرت الغارديان “في البداية نشرت تركيا 300 مقاتل من الفرقة الثانية في الجيش السوري الحرّ وغادر هؤلاء المقاتلون سوريا عبر معبر حوار كلّس العسكري في ريف حلب في الرابع والعشرين من ديسمبر، قبل أن يلتحق بهم 350 فردا آخرون في نهاية الشهر نفسه”.
|